اليوم أنقل لكم تجربتي الأولى في نشر روايتي طورهوبار مع دار ديوان العرب للنشر والتوزيع، فقد استهلت رحلتي كمعظم شباب اليوم كثير الأحلام، بين مفترقات طرق عديمة الرحمة والضمير، وسكك مسلكها الندم ومناكب مُتعطشة للوفاء بالعهود، وصروح عاكفة عن خدمة الحرف والكلمة، إنها رحلة مُضنية خارت قواي العتيقة مُنذ أن تجرأت أناملى على مسك القلم وحمل أمانة بث الروح في الكلمات.
رحلة من المعاناة استغرقت مني سنوات مُقيتة، أبحث فيها عن قبلة سائغة بين أروقة من الفساد المُتكتل كـ رواسب الملح المُتخلفة عن الينابيع الحارة، والبراكين الخامدة التي رغم إحتدامها سابقاً بنيران الطموح والمثابرة، أصبحت الأن مجرد صخور مُتراكمة كبقايا روح إنسان معافرة حتى الرمق الأخير قبل إشهار راية الإستسلام.
ترجمة المُعاناة
لا تأفف عزيزي القارئ ولا ترهق نفسك بترجمة غموض كلماتي المطمور بين عُبابها سقيم الحاجة للنجاح، فترجمة المعاناة في شاب حالم يمتلك موهبة تحولت مع الأيام لمُعضلة، داخل غياهب مجتمع أصبح يُقدر الصورة والفتن أكثر من وضاحة الكلمة.
وقرر الشاب الضارب بين عواصف النقد والضغط أن ينزوي عن أعين الحمقى، حتى يُنهي أول روايته التي رأي بين ثنايا كلماتها أحلامه الوردية تشع بريق وتوهج، ولكن لم تكن المعاناة في بدء كتابة الرواية ولا بمراحل التوغل بين بحور فصولها والتنقل بين سريالية معانيها، ولا النسول لغور سطور سُطرت داخل مخيلة ميثولوجية قبل تنقيط حروفها بالورق.
الهروب من الواقع
إنها حيلتي للهروب من الواقع، الكتابة والانغماس بين شخصيات و أحداث من وحي عالمي القانط نحو واقع جاحد، والقاطن بمناحي من نسيج تطلعاته وقناعاته الفكرية والوجدانية، ولكن كما استهل الإمام الحسن البصري بخطبته الشهيرة
"هيهات هيهات أهلك الناس الأماني، قول بلا عمل، ومعرفة بغير صبر، وإيمان بلا يقين …"
إلى نهاية الكلمات المُنمقة كأنها خُلقت لوصف عاملنا الحالي وليس عالمهم الماضي، فـ ليصبح للخيال نكهة مُستطابة لا بد من الإنصياع لقوانين الواقع، والبحث عن دار نشر تتبنى موهبتي وتحتوي كلماتي وتقدر حلمي، والأمر قد يبدو جلياً أمر هين وبسيط فليس أمامي سوى السعي نحو إعلانات وطلبات دور النشر المتعددة الأفكار والتوجهات والإرشادات وترك بصمة السعي أمام عتباتهم.
تجارب كالبعوض
وأخوض تجارب كمعارك مع الزمن، مع ملل الانتظار، مع نحر وبر أوراق روايتي و زخرفة كلماتي التي اسودت من كثرة الخذلان والتجاهل، فتارة أجد دار نشر تطالبني بالمناصفة قبل حتى تقييم الرواية، وتارة أخرى أقع بشباك دار نشر تتعامل مع المجال الأدبي، على أنه سوق حر للصفقات المُبعثرة بين باقات مُسعرة وكل باقة بـ آلية معينة في التعامل، كما وجدت دار تقدر أني كاتب ثري أدبياً ولكني متواضع مادياً ولكن عليا الوقوف بطابور طويل من المواهب الواعدة المنتظرين للرد، والذي استقطع من الوقت أيام فشهور فقُرابة حول كامل دون رد.
أنها بضعة تجارب كقرصات البعوض تلدغ الروح وتمزق الآمال، حتى تجعل الحلم مُلطخ ببثور اليأس، والقلب مُلجم نحو الإيمان بالنفس، والعقل مُوصد بين محاولة جديدة مع تجربة أخرى وبين الانكماش بميمنة مُصمتة.
فجر جديد
إلا إنها إرادة رب العباد، رب البر والبحر ورازق الدود في بطن الجبال والنمل بشقوق جدران البيوت، يعطيك أمل جديد مع إنبلاج فجر جديد، فجر يعوض سُدفة الليل ويُظهر إشراقة المستقبل بين ضباب الويل، فحلمي ومستقبلي ليس مال ولا جاه ولا أن أصبح رجل الساعة واسمي مُتداول بصفحات التريند، وإنما حلمي أن أنجح وأتذوق طعم النجاح في عيون قُراء لكلماتي وأن لا أشعر أني أكتب وأستعرض منحنيات فكري نحو اللاشئ، كأسير بين غياهب السجون يدون مذكراته على الجدران حتى يتناسى وحشية الأيام.
دار ديوان العرب للنشر والتوزيع
أنها دار ديوان العرب المنبع الذي شع منه ضياء الفجر الجديد، الدار التي وجدت بين ضلوعها مبتغي ككاتب مبتدئ أبحث عن نقطة إنطلاق، ويشاركني تحقيق الحلم الآلاف من الشباب اللاهثين من كثرة الركض خلف دور نشر استنفدت كل طاقتهم، قبل أن تروي ظمأهم بغُرفة ماء مُرتوية للاِلتياح وللنجاح.
وهذا ما لمسته بسياسة "دار ديوان العرب" القائم على توقير صرحها الأستاذ "محمد وجيه" والأستاذة "فادية محمد هندومة"، فاردين ذراعيهما وسعة رحبهما لكل كاتب حامل للموهبة، فوجدت بين كنفهما الأمان والتقدير والوفاء بالوعد والحلم الذي أقترب من أن يصبح حقيقة.
فداخل تلك الدار أنت لا تحمل مسؤولية تصميم غلاف لروايتك ولا هم التدقيق اللغوي والإملائي ولا التنسيق والإعداد للرواية ولا هم الترقيم والتوثيق القانوني، ولا هم الطباعة والنشر والدعاية بكافة المكتبات والمعارض الأدبية كمعرض القاهرة الدولي، معرض تونس الدولي ومعرض الأردن الدولي.
أنت فقط تحمل هم إبداعك وكيف ستصوغ هذا الإبداع على هيئة كلمات وأفكار وخيال وحوار إلخ إلخ، حتى تجد بالنهاية جمهور من القراء ينتظرك مع كل منحوتة أدبية جديدة، ولقد تحقق حلمي أخيراً وتم نشر أول روايتي مع دار أحترمتني واحترمت قلمي وقدمت لي كل التسهيلات، لذا وجب تقديم جزيل الشكر لدار ديوان العرب للنشر والتوزيع، كما يجب تقديم الشكر أيضاً لمنصة ريدا الثقافية على إتاحة الفرصة لي لعرض رواية طورهوبار ونشرها إلكترونياً معهم بالتطبيق المميز على جوجل بلاي.
وبالنهاية أختم مع دعوة صادقة من القلب لكل حالم يستحق فرصة أن يجدها بعون الله وفضله مع أشخاص أهل للأمانة والتقدير، وأن يجعل الله الصبر والدأب مبدأهم حتى إثمار أول نجاحاتهم.
تعليقات
إرسال تعليق