القائمة الرئيسية

الصفحات

اخر الاخبار

مُلخص فيلم الحب فوق هضبة الهرم.. حكاية جيل محروم من الحياة



مُلخص فيلم الحب فوق هضبة الهرم


إذا كنت من مُحبي أفلام الثمانينات وعاشق للإمبراطور أحمد زكي، فإليك مُلخص فيلم الحب فوق هضبة الهرم، أيقونة سينمائية صادقة تم تخليدها بالمركز رقم 68 في قائمة أفضل مائة فيلم عربي، تروي بقلم ناقد مُعاناة الشباب منذ حقبة الثمانينيات وحتى اليوم، مع البطالة وضيق الرزق وتكاليف الزواج الباهظة والحرمان الجنسي والعاطفي.


مُراجعة فيلم الحب فوق هضبة الهرم


استطاع الأديب العالمي نجيب محفوظ أن يجمع الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تؤرق المجتمع المصري بحقبتي السبعينيات والثمانينيات، داخل مجموعة قصصية تحمل نفس عنوان الفيلم، وتضم 8 قصص قصيرة كل قصة تتناول طرح متميز حول مواجهة المجتمع التغيرات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، جراء عصر الانفتاح والرأسمالية التي تغلغلت إلى أوطاننا بعهد السادات، وما ترتب عليه من صراعات نفسية داخلية مع الغرائز الإنسانية والجنسية.


كما قام السيناريست الراحل (مصطفى محرم) بإعادة صياغة هذه الأطروحة الأدبية، في سيناريو متماسك وحوار يجمع بين الفلسفة التي لا تُطعم الخبز والواقع المُحطم للآمال، واستثمر تلك التناقضات في شخصيات محورية مثل البطل الذي يعاني من الكبت الجنسي وضيق الرزق وهو في أواخر العشرينيات، وزميلته في العمل التي يرى معها مشاعر سامية، يستخدمها كمُسكن لتلك الغرائز الجنسية التي تجتاحه.


أما المُبدع الحقيقي لهذا العمل، فكان مُخرج الغلابة (عاطف الطيب) الذي نجح في نقل صورة سوداوية وكادرات مُزدحمة بالتفاصيل، وكأنه يريد توضيح الرؤية المستقبلية لشباب البلد، وسط هذا الكم الرهيب من الفوضى العارمة، فلن تسمو بالهدوء النفسي طيلة مشاهدة الفيلم، ستجد مشاعر البطل المتأججة بين الأمل واليأس، تطرق حواسك وتوقظ جراحك خاصة لو كان حالك كحال البطل، ولن تجد مُخرج سينمائي يعبر عن مشاعر البسطاء والمهمشين بطريقة صادقة مثل الطيب.



الأداء التمثيلي عظيم للجميع، لن تشعر أن هؤلاء فنانين أمام الكاميرا فأحمد زكي هو الشاب اليائس البائس في مقتبل حياته مثل حال الكثير من شباب اليوم، (آثار الحكيم) فتاة رقيقة تبحث عن الحب وتتحدى العادات والتقاليد والعائلة، وهذا النوع من الفتيات لن تجده إلا بعالم الأفلام، فالفتيات بالواقع لا يُجيدن فن التحدي.

و(أحمد راتب) هو الشاب المُتسلق على أكتاف سيدة شمطاء ويؤسفني أن أخبرك أنه أكثر الشخصيات عقلانية ضمن أحداث الفيلم، أما الفنان المُخضرم (صلاح نظمي) فحضوره كان طاغيا وعبقري كالعادة رغم ظهوره بمشهدين فقط ولكن لا يمكن اختزالهما من الفيلم، وأخيراً الفنان البسيط (نجاح الموجي) الذي استعرض بأسلوب سلس حجم الفجوة، التي يشعر بها الجاهل أمام المتعلم حتى لو كان يمتلك مال قارون. 


الموسيقي التصويرية للموسيقار (هاني مهنا) كانت حزينة ومُعبرة، أما التصوير والصوت فكان يشوبهما بعض التشويش وهذا بطبيعة حال ضعف إمكانيات التصوير والمعدات حينها، والتي كانت تُعوض ببراعة وموهبة مدير التصوير كـ (سعيد الشيمي)، ويبقي الفيلم في النهاية واحد من أهم أفلام السينما المصرية ولن يتكرر فيلم مثله حتى اليوم.



 مُلخص فيلم الحب فوق هضبة الهرم


(علي) شاب عشريني تجبره الحياة على عدة خيارات سيئة، مثل الجامعة والوظيفة وحتى أسرته التي تعاني من ضيق الحال، فالموظف كان قبل عصر الانفتاح وهيمنة الدولار على سوق العملات، يستطيع الحياة بـ 20 جنيهاً بالشهر، ولكن الوضع تدني ومازال يزداد سوءً، فالشاب خريج الجامعة كيف له أن يمتهن مهنة مرموقة يستطيع من خلالها شراء شقة وشبكة وتدبير نفقات الزواج وسط كم كبير من التعقيدات وتقاليد الزواج السخيفة.


يواجه علي نوع آخر من المُعاناة ألا وهو الفراغ المُخيم على حياته، فالقوى العاملة اختارت له وظيفة بمصلحة حكومية، يقضي بها ستة ساعات في تصفح الصحف وارتشاف الشاي والتنصت إلى الأحاديث الجانبية لزملاء العمل المتزوجين، وبعد انتهاء ساعات العمل يتسكع بين الشوارع، أو يجالس بعض الرفقاء الذين لا يقل حالهم تعاسة عنه بمقهى برج نابل، ليضعوا جميعاً همومهم في بوتقة واحدة ألا وهي الحرمان من متع الحياة.


وبعد شهور من الخيالات الجنسية التي يلجأ لها البطل، أو قد تداهم أحلامه فتهون عليه مرار الكبت الجنسي، كما تحدث سيجموند فرويد في نظريات التحليل النفسي عن الغريزة الجنسية والدوافع الإنسانية، قرر علي الدلوف نحو الكاتب الصحفي (عاطف هلال) باحثاً عن قدوة حسنة، يستشيره في أزمته الجنسية، إلا أنه يخذله ببعض المهاترات الفارغة والنصائح التي لا تُطعم خبزاً، حينها يتأكد علي أن هذا الجيل قفز من المركب قبل الغرق، وعليه البحث عن قارب النجاة بمفرده.



تظهر في حياة علي الزميلة الحسناء (رجاء)، فيتعامل مع هذا الحدث على أنه شربة مياه بحلق جاف وسط صحراء حارة ماحِلة، ويحاول التودد لها بعفوية فينجح في خلق بوادر استحسان بينهما، تتطور إلى علاقة غرامية ثم إلى خطوبة بسيطة بمعرفة العائلتين، دون الإتفاق على تفاصيل الشقة والمهر والشبكة، فقد قررت رجاء أن ترسم علاقتها مع علي بدون إقحام العائلة في الأمر، ولكن الأم لم ترضخ كثيراً لتلك التصرفات الطائشة، وتُوقظ الجانب العقلاني الخامل لدي علي، فيشعر بجرح كبريائه وإحساسه بالعجز ويقرر فسخ الخطوبة.


تابع مُلخص فيلم الحب فوق هضبة الهرم


يعود البطل لحياة البؤس واليأس والفراغ العاطفي، فيطلب العون هذه المرة من القدوة غير الصالحة وهو صديقه (أبو العزم)، الشاب العقلاني الحريص على عدم تعذيب روحه بثُلمة القلب ولوع العشق، فهو يتصيد الثريات المُسنات بطُعم عنفوان الشباب، ويستنفذ أموالهن ويمتطي سياراتهن ويقطن بشققهن، فهذه هي حيلته الماكرة من أجل عيش حياة الترف، أما الحب فلم يُخلق للفقراء والشباب أمثاله، لذا قرر أبو العزم جذب علي نحو رقعته العطبة.



بالفعل ينساق علي وراء أبو العزم على مضض، فهو مُحطم نفسياً جراء انفصاله عن رجاء، لكنه يستفيق وهو ثمل بين أحضان سيدة شمطاء أخرى من نفس فصيلة رفيقة أبو العزم، فيهرع نحو منزله ويتلحف بالإيمان والتقوى بعد أن قدم أبيه له النصيحة المُغلفة بالآسي والعجز عن مساعدته، فيخطو علي نحو المسجد لصلاة الجمعة ويطلب من الإمام وصفة روحانية للتحصين، فيفاجئه الشيخ بفتوى تنص على أن الزواج في الإسلام مبني على التيسير، والمهر لا ضير في أن يكون خاتم من حديد، ولكن أطماع البشر واستحقاقية الفتيات واهتمام الأهالي بالتفاخر والمُباهاة، هي أسباب الإعاقة الحقيقية للزواج، وعليه فرِضاء الطرفين أهم ما في الأمر.


يعود علي للطيش والحركات الصبيانية ويجر معه رجاء، ويقرران الزواج بدون معرفة الأهل، لكنهما يواجهان مشكلة الفراش الذي سيجمعهما، فيبحثان عن غرفة بأحد الفنادق، فتشعر رجاء بعدم الارتياح لتلك الفكرة، فيساعدهما أبو العزم في إخلاء شقة عشيقته الهِردبة ليسرقان من الحياة متعة ولو لساعة، وكأن الحياة بجحودها تقف بالمرصاد أمامهما، فمالكة الشقة تصل ويضطران للهرب منها.



يترجلان سوياً نحو هضبة الهرم، بعيداً عن صخب وسط البلدة، وبينما يجلسان على صخرة يحاول علي احتضان زوجته وتقبيلها وتخيل أن هذا البراح الفسيح ملكهما، تنقض عليهما سيارة الشرطة ويوجه لهما إتهام بارتكاب فعل فاضح بمكان عام، وهو ما يستهجنه علي وحتى رجاء، فقد انكشف أمرهما بين العائلتين، فالأبناء يحصدون ما يزرعه الآباء، والآباء يدفعون ضريبة أفعال الأبناء الطائشة، فيتم ترحيل علي ورجاء بسيارة الترحيلات نحو النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.


أختم معكم مُلخص فيلم الحب فوق هضبة الهرم عند هذا المشهد البائس، وخاتمة تساؤلية عن ما سيفعله هذا الجيل وكيف سيواجهون الحرمان وعراقيل الحياة التي تحاوطهم !؟ والأدهى أن هذا السؤال مازال مطروحاً حتى اليوم بداخل أروقة علوم السوسيولوجيا والبيولوجيا، والكاتب بكل خبراته الحياتية لم يستطع إيجاد الإجابة وترك هذا الاستفهام للمشاهد، وكأنه لا يرى حلاً آخر أمام شباب هذه الأجيال المظلومة سوى أن يجن جنونهم مثل علي ورجاء، ويحاولون سرقة القليل من المتعة بين أهوال تلك الحياة العصيبة.



تعليقات