مُلخص فيلم the secret life of walter mitty.. يبحث رواد السينما عن ما يُلهمهم ويؤجج مشاعرهم، وأن يكون عمل فني مُتكامل يجمع بين المتعة البصرية والسيناريو المُشوق والرسالة الصادقة المطمورة بين مشاهده، وهذا ما ستجده في الفيلم الذي سنتناول الحديث عنه بالمقال، فإذا كنت تبحث عن عمل سينمائي يبث فيك روح الأمل والمثابرة، يحث على هجر منطقة الراحة، يمس مشاعرك المتوقة للحب والخيال الخصب، وبجانب كل تلك المعاني الأَثيلة ستخوض معه مغامرة ممتعة، وستبحر عبره بلدان وجزر لم تكن تعلم عنها شيئاً، فذلك الفيلم سيكون خيار جيد لسهرة سينمائية مميزة.
معلومات عن فيلم the secret life of walter mitty
هو فيلم أمريكي تصنيفه درامي كوميدي، من إخراج وبطولة النجم الشهير (بن ستيلر)، ويشاركه البطولة النجم الحاصل على الأوسكار (شون بن)، والنجمة الجميلة (كريستين ويج) والنجم الذي ترشح لجائزة الجولدن جلوب عن مسلسل الإثارة النفسية سيفيرانس (آدم سكوت)، أما التأليف فكان للسيناريست (ستيفن كونراد).
تولت شركة 20th Century Studios الإنتاج بالتعاون مع بن ستيلر، حيث تم تصوير الفيلم في نيويورك، لوس أنجلوس، كولومبيا البريطانية وآيسلندا، وبلغت ميزانية العمل 90 مليون دولار، وحقق إيرادات عالمية تخطت 188 مليون دولار.
الفيلم حصل على تقييمات عالية وإشادات رائعة من النقاد والجمهور وقت عرضه سنة 2013، وعلى موقع التقييم الشهير IMDb جاء تقييمه 7.3 من 10، ومن المتعارف عليه أن الأفلام التي تحظى بتقييم فوق الرقم 7، فهي تستحق أن تعطيها فرصة للمشاهدة.
حصد فيلم حياة والتر ميتي السرية جائزة المجلس الوطني للمراجعة، كما ترشح لثلاثة جوائز قيمة سنة 2014 وهم:
· نقابة مصممي الأزياء.
· ستالايت فئة أفضل أغنية أصلية.
· ستالايت فئة أفضل تصوير سينمائي.
العلاقة بين فيلم the secret life of walter mitty ومنطقة الراحة
منطقة الراحة أو comfort zone هي المساحة الآمنة التي يقبع الإنسان بها، فيلتزم بسلوكيات محددة ونظام حياتي منتظم لا يتغير، يتجنب المغامرات والعلاقات الاجتماعية المُوترة، يعزز بداخله الجانب الخيالي والاستمتاع بالهدوء وقلة العناصر الفضفاضة بالمحيط المُحاط به.
وهو ما عكف البطل والتر ميتي على حمايته، فتلك الدائرة المغلقة لازمت حياته العاطفية الفارغة، وظيفته النمطية المكتبية البعيدة عن صخب العمل الجماعي، منزله البسيط المنطوي بداخله مُحتضناً برامج التواصل الاجتماعي وتطبيقات المحادثات الإفتراضية.
فيبقى الوضع على ماهو عليه حتى يقرر القدر إثارة حفيظة هذا الأربعيني، من خلال عدة منغصات حياتية تتكالب عليه بالتتابع، ليطفق نحو تمرده على ذلك الوضع المُضطرد، ويقرر هجر منطقة راحته نحو عالم مُترع بالمغامرات ومواجهة تحديات وصراعات وأشخاص غير مألوفين بالنسبة له من جنسيات وأعراق مختلفة.
ويثبت لك عزيزي القارئ أن منطقة الراحة كما لها إيجابيات، فهي تُوصبك بالسلبيات والعراقيل النفسية التي تعرقل مسارك نحو تذوق ثقافات ومعتقدات مختلفة بشتى مناحي الحياة، فكما قال الشاعر الأندلسي (أبو البقاء الرندي)
ويفوز باللذات كل مغامر
ويموت بالحسرات كل جبان
مُلخص فيلم the secret life of walter mitty
يبلغ (والتر ميتي) الثانية والأربعين من العمر، بدون خليلة أو عائلة أو رفقاء، مُتوارٍ خلف عالم خاص من شرود الذهن داخل دوامة من أحلام اليقظة التي لا تنزجر، مثل تخيل حاله براد بيت بالفيلم الأيقوني The Curious Case of Benjamin Button، فقد تفاقمت حياة والتر السرية حتى أصبح عاجز عن إرسال طلب صداقة لزميلته بالعمل (شيرل ميلهوف) على تطبيق من تطبيقات المواعدة اسمه (إي هيرموني)، والشخص الوحيد المسموح له باختراق هذا الجدار السري لحياة والتر هو (تود) مُبرمج هذا التطبيق والذي يتواصل دائماً معه عن طريق الهاتف.
تستمر تلك الحياة الرتيبة سائرة على هذا الحذى، حتى تقرر مجلة Life التي يعمل بها والتر كمسؤول عن تحميض الصور، تحويل مسارها من مجلة ورقية إلى إلكترونية وبالطبع سيتم إقالة الكثير من الموظفين غير المفيدين للتطور المُستحدث للمجلة، وهذه أحد أمواج التكنولوجيا المتلاطمة في وجوه البشرية، ولكن رُب ضارة نافعة بالنسبة للبطل اليائس من تغيير حياته، فقد كانت هذه المُعضلة بمثابة الدفعة التي ستشكل فصل مُستجد في حياة والتر.
إذ قام المتنمر متبلد المشاعر (تيد هندريكس) المدير التنفيذي للتحويل، بتكليف والتر ميتي بتحميض آخر صورة غلاف ورقي للعدد 25 من المجلة، فيواجه اليائس موجة أخرى عاتية لأن نيجاتيف صورة العدد 25 ليس بحوزته رغم حرصه الشديد على إجادة عمله بنظام وتراصف، لكن يبدو أن المصور الشهير (شون أوكونيل) قد قرر ممارسة بعض الحيل الدعابية مع والتر، وكأنه سبب من أسباب القدر لخروج هذا الموظف المُهدد بالتسريح من عمله، لمواجهة تحديات الحياة.
فأمام والتر مهمة مصيرية وهي الوصول إلى شون واِمتشاق هذه الصورة المُلغزة منه، ولأن الدائرة المغلقة حول حياته تنفرج تباعاً، فقرر الترجل نحو زميلته شيرل وتجاذب معها أطراف الحديث لأول مرة، فقد وجد افتتاحية جيدة بما أنها موظفة استعلامات بالمجلة، للسؤال عن ملاذ شون ولكن إجابة السؤال لن تكون بهذا القدر السهل، فهو مُصور مغامر يبحر فراسخ قاصية نحو بلاد نائية وطبيعة قاحلة، فلا يمتلك موطن ولا تعرف له مُستقر.
إلا أن مهارة شيرل ودأبها كانا كافيان للوصول إلى أول محطة سينطلق نحوها والتر ويستهل أولى مغامراته حاملاً عدة صور فوتوغرافية التقطهم شون من قبل، وكأنهم بمثابة بوصلة بتلك الرحلة اللبكة، هذه المحطة هي جزيرة (جرين لاند) التي تحتضن 8 أشخاص فقط، من ضمنهم رجل ضخم تعامل من قبل مع شون خلال قبوعه بالجزيرة بضعة أيام.
فيستدل منه على مكانه حيث يُخمن تواجده على متن قارب بوسط المحيط، فيمتطيان طائرة هليكوبتر وسط عاصفة عاتية نحو هذا القارب، ويقفز منها والتر نحو القارب لكنه يتعثر ويسقط بين عُباب الموج وأسماك القرش محاولاً النجاة والبحارة على متن القارب بين مُحمس ومنقذ، حتى ينجح والتر في تسطير أول مغامراته التي تخطاها ببسالة، فيتعقبها ثلة من المغامرات الأخرى بجزيرة آيسلندا التي وطئ بقدميه عليها وهو يقتفي أثر شون، منها الهرولة من ثوران بركان اجافجالاجكول، وصعود مرتفعات الهيمالايا بين رهط من الآسيويين والهنود الحمر.
وآخر مغامرة يخوضها والتر كانت التحقيق معه من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالية بسبب سفره إلى أفغانستان عندما علم من والدته، أن شون زار منزله بغيابه وأخبرها بترحاله إلى هناك، فأخيراً يمسك به قبل احتجابه كالزيبق، فيخبره بحيلته الدعابية التي يمتعض منها والتر، وهي طمس النيجاتيف الخاص بصورة جوهرة الحياة داخل ثنايا محفظة جلدية، أهداها شون له يوم عيد ميلاده الثاني والأربعين، ورقش عليها شعار "إذا كنت تريد رؤية العالم.. عليك مواجهة الأشياء الخطرة"، فينتهي والتر من رحلته المرهقة ويتم القبض عليه بالمطار.
فيظهر للمرة الأولى صديقه تود الذي يتبلور كالمكعبات المُبكسلة خارج تطبيق إي هيرموني، وينقذه من احتجازه من قبل الفيدراليين، كما يخبره أن شيرل حذفت حسابها من على التطبيق، فترتسم على وجه والتر ابتسامة ساخرة لأنه لم يعد بحاجة للعالم الإفتراضي بعد اليوم ليختبئ خلفه، فأمامه حياة واقعية مُفعة بالمغامرة والمتعة يريد عيشها، خاصة بعد أن ترك وظيفته المملة وعليه البحث عن وظيفة أخرى، فقد أكمل آخر مهمة له بالمجلة على أكمل وجه، وتم طباعة الغلاف الأخير الذي يحمل صورة له وهو جالس يدقق بأحد الصور الفوتوغرافية بنهم ومُكابدة.
وهو ما يُلخص بالنسبة لشون مفهوم جوهرة الحياة، فقد أنجز له والتر الكثير من أعماله الإبداعية وأظهرها للنور من خلال طباعة صوره الفوتوغرافية البديعة، وعليه أن يجرب مسعاه وموهبته بمكان آخر وبصحبته شيرل التي تحولت من شخصية خيالية بأحلام اليقظة خاصته، إلى خليلته التي سيخوض معها مغامرة جديدة من نوع آخر، وعند هذا القدر يختتم المؤلف والمخرج نهاية فيلم the secret life of walter mitty.
تعليقات
إرسال تعليق