القائمة الرئيسية

الصفحات

اخر الاخبار

كيف تصبح مطرب مهرجانات في 24 ساعة ؟

 


كيف تصبح مطرب مهرجانات في 24 ساعة ؟ .. منذ عدة سنوات تحديداً بعد ثورة يناير، ظهرت ظاهرة مقيتة تُدعى " أغاني المهرجانات "، هذه الظاهرة غيرت خريطة الغناء بالشرق الأوسط، فهي لا تعتمد على موهبة صوتية ولا ثقافة ولا دراسة ولا حتى حضور، كل ما تحتاجه هو برنامج يمكن تنصيبه على هاتفك وبعض مُستلزمات تسجيل الصوت الأجش الذي ستغني من خلاله هذا التلوث الضوضائي، ومؤلف كلمات مهرجانات مُنتشي من أثر سيجارة حشيش أو زجاجة خمر، وأهلا بكم في عالم المهرجانات الغنائية !! 


سر حُب الناس للمهرجانات 


لا أريد أن أحكم على فكر أحد أو ذوقه الفني، فالذوق العام اليوم يُعاني من كساد أخلاقي وتردى نحو قعر مظلم لا أمل في إضاءة عتمته، ومع ذلك تبقى حرية استطابة المُستمع لتلك الأغاني الهابطة شيئاً خاص به وله مُطلق الحرية في احتواء ميوله وتوجهاته الترفيهية، ولكن يبقى السؤال عالقاً في الأذهان.. لماذا تحب هذه الفئة أغاني المهرجانات ؟؟؟

 الإجابة بـ إختصار أننا نعيش في عصر السوشيال ميديا، التي صدرت لنا كل ما هو قبيح ومُزري على أنه يستحق الاهتمام ، فـ أزمات نقيب الموسيقيين هاني شاكر مع مطربين المهرجانات أمثال عمر كمال وحمو بيكا وشاكوش وحتى نمبر وان محمد رمضان، دائماً ما تتصدر المشهد الإعلامي وتتصدر قوائم البحث لدى رواد السوشيال ميديا، ومثل ما يُقال بالحكم الشعبية " يصنعوا من الفسيخ شربات ".




لغة المادة هي الأبدى


من الأسباب الأخرى التي تجعل المراهقين والشباب يبحثون عن إجابة سؤال كيف تصبح مطرب مهرجانات في 24 ساعة ؟ و تصدر تلك الأغاني في عالمهم، هي إيمان الجيل الحالي بأن المال هو المتحكم الرئيسي في مُجريات الحياة، فعندما يروا محمد رمضان وهو يلقي أمواله في المسبح، وحمو بيكا وهو يلتقط صورة بجانب سيارة مُطلية بالذهب، بالطبع سيضرب بالأخلاقيات والشهادة الدراسية والموهبة بعرض الحائط، ولن يفكر إلا بـ خلق طريقة مشروعة أو غير مشروعة لجني المال.


وأنا لي تجربة مع فتاة مراهقة كانت تبحث عن الشهرة سواء من خلال السوشيال ميديا أو الولوج لعالم التمثيل، وقد سألتها عن سبب حلمها بالشهرة، لتجيبني إجابة صادمة وهي أنها تريد أن تصبح غنية كـ محمد رمضان ، فـ أخبرتها أن فن محمد رمضان والطريقة التي ينجح بها لا تعجبني، فردت بأني غيور وأني لا أستطيع جني أموال مثله !! نعم عزيزي هذا هو حال الجيل الحالي للأسف، فقد تشعب ورم الماديات في عقولهم وأفكارهم وأحلامهم إلا من رحم ربي.


لا يوجد منافس حقيقي


من أسباب نجاح المهرجانات أيضاً عدم وجود منافس قوي يتصدى لهم، بمعنى أن الجمهور قد سئم من كثرة الأغاني الرومانسية المُستهلكة وقصصها من حب وهجر وغدر وكل هذه الترهات، التي لا تحمل أي جديد في المواضيع لا على مستوى الكلمات ولا على الألحان.


فمن يستطيع منافسة هذه المهرجانات اليوم؟ هو ما يقدم طرب راقي وبنفس ذات الوقت يحمل أفكار مختلفة، كما يفعل المطرب الموهوب حمزة نمرة، مما جعل أغانيه منافسة وبقوة للمهرجانات على منصات الأغاني اليوم.


تطبيقات مُربحة 


جئنا لأكثر نقطة أجدها سبب في انتشار ظاهرة المهرجانات، ألا وهي اعتماد تطبيقات ربحية كـ تيك توك ومنصات السوشيال ميديا وحتى اليوتيوب، على فكرة التغنج والرقص والمرح بوجود خلفية صوتية معتمدة بشكل كلي على أغاني المهرجانات.


فـ اليوم الجميع يبحث عن الربح السريع حتى أنا، وهذه التطبيقات قد توفر لك المال اللازم لجعل حياتك أفضل من خلال نسب المشاهدات على فيديوهات من صنعك، وبالتالي يلهث الكثير حول الطريقة المضمونة لتحقيق هذه المعادلة وربح المال والشهرة في آن واحد.


تجربتي على التيك توك 


وقد كانت لي تجربة مريرة على التيك توك حيث قررت أن أقدم محتوى خاص بي وكنت مؤمن إيمان تام بأن المحتوى هو الملك، وقد قررت صناعة محتوى ترفيهي كوميدي لمدة شهر ولكني لم استطع تحقيق أي نجاح يُذكر، حتى إن أختي الصغيرة المهووسة بالتيك توك وكذلك أخى المراهق وأولاد خالاتي الصغار، لم يهتموا بالمحتوى الخاص بي حتى الإعجاب كانوا يضنوا عليا به.


وعندما سألتهم عن السبب بما أنهم خبرة عني في مجال التيك توك، قالوا أن المحتوى الذي أقدمه ليس مُلفت لهم وطلبوا منى متابعة شاب مشهور على التيك توك وتقليده، وما أن فتحت حساب هذا الشاب إلا وقفت مشدوها ومصدوماً، فقد رأيت شاب عريض المنكبين كثيف اللحية يبدو في منتصف الثلاثين، يربط وشاح حول خصره كـ الراقصات ويرقص مثلهن.


إلا أن الصدمة الأكبر كانت في متابعة أطفال صغار كـ أولاد خالاتي وغيرهم داخل الكثير من الأسر المصرية، لهذا الشاب ورؤيته على أنه قدوة ومشهور وناجح !! ولم أتوانى لحظة أمام هذا التطبيق المُهلك أكثر من ذلك، وقمت بحذف الحساب الخاص بي فهو ليس مكان مناسب لأمثالي .



نجم من نجوم المجتمع


ولا تتعجب عندما وضعت سؤال " كيف تصبح مطرب مهرجانات في 24 ساعة ؟ " للمقال فقد يتم الأمر بسهولة، مثل سوستة مطرب كليب شيماء، الذي كان تريند لأسابيع على اليوتيوب.


و الأدهى اصطحاب إعلاميين برامج التوك الشو ومخرجين ومنتجين أفلام السينما لهؤلاء المطربين، خاصة المشهورين على السوشيال ميديا بعدد من المتابعين والمغيبين، ومثال على ذلك ما فعله الإعلامي المُخضرم شريف عامر عندما استضاف سوستة في برنامجه.


حيث هذا اللقاء جعل الكثير من الشباب الموهوب والساعي لإجادة وصقل موهبته بالدراسة والدأب والمثابرة، يشعروا باليأس والاكتئاب من مجتمع أصبح يقدر الإسفاف والاتضاع عن دعم الشباب، الذي كان من المفترض أن يكون مكان سوستة وبيكا وشاكوش.


لكننا في عصر السوشيال ميديا لسنا بحاجة للموهبة ولا الثقافة، فقط لقطة تجعلك تستقطع رحلة الألف ميل في قفزة واحدة، هذه اللقطة قد تكون مجرد مهرجان بصوت نشاز وكلمات متدنية بدون لحن بدون موهبة بدون دراسة ولا خبرة، فقط مهرجان غريب يحدث تريند و جلبة على السوشيال ميديا، وبعدها كل الأبواب المغلقة من شهرة لـ مال لـ إعلام إلخ إلخ إلخ .. سوف تفتح على مصراعيها أمام ضربة الحظ التي جعلت منك مطرب مهرجان !!


لذا عندما تسألني كيف تصبح مطرب مهرجانات في 24 ساعة ؟ لا تهتم لكلمات الهدافين والمعقدين أمثالي وابحث عن شيماء مع سوستة ...


تعليقات